32 - استكشاف المستشفى المهجور 1#

الفصل 032 : استكشاف المستشفى المهجور 1#.

-----------------------------------------------

تقدم الثلاثة بحذر شديد في الأرجاء، فكانوا يتفحصون المكان جيداً، حيث كان مدخل المستشفى يبدو صغيراً مقارنة مع داخله الذي بدا لهم كبيراً جداً، حتى أن هناك طابقاً ثانياً، فعندما كانوا يتحدثون لاحظت (لورين) بأن هناك صدى يُسمع في كل مكان، على الرغم من أنهم يتحدثون بصوت عادي.

كان الظلام دامسا، فاستدار (أورين) ليجد (جودي) و(لورين) جالسين على كرسي مكتب الإستقبال، وهم يحاولون تشغيل أحد الحواسيب، فسألهم:

"هل يوجد شيء ما هناك؟"

ردت عليه (لورين) بدون أن تزيح نظرها عن الحاسوب:

"لا، إنه لا يعمل. على الرغم من أنه متصل بالكهرباء. ربما يوجد هناك مولد طاقة في مكان ما هنا."

فقال لهم (أورين): هيا لنذهب من خلال المبنى، لنرى ماذا يمكننا أن نجد."

بما أن (أورين) هو قائد تلك المهمة، فقد اختار التحرك واستكشاف الجناح الغربي من المستشفى. فتبعته الفتاتان من ورائه، وعند ولوجهم إلى هناك، وجدو بأن هناك ردهة طويلة نسبياً مع وجود العديد من الغرف، وكانت هناك مطافئ حريق مرمية على الأرض في مختلف الأماكن، كما أن الأسِرَّة لا تتواجد في غرف المرضى، بصفة عامة كل شيء كان مبعثراً وغريبا وقذراً. كان (أورين) يبحث ويستكشف ويتمشى ببطئ شديد نحو الأمام، حتى لاحظ عندما وجّه المصباح إلى الفوق، لافتة تتواجد فوق أحد الأبواب الكبيرة القريبة منه، مكتوب عليها *

الأمراض المعدية*

، وكانت الفتيات خلفه يشدونه من ملابسه ويتمشون ببطئ معه وبنفس الخطوات، فقال لهم:

"أنظروا هناك، توجد لافتة فوق هذا الباب مكتوب عليها *

الأمراض المعدية*

. هذا لا يبشر بالخير."

ردت عليه (لورين): "لقد سمعت بأن العديد من العمال قد أصبحوا مصابين بمرض غريب والقرية أصبحت معزولة، قبل إغلاق المصنع مباشرة."

قالت (جودي) أيضاً: "حسنا، على أي حال، أي فيروسات، بكتيريا، أو طفيليات لاتستطيع النجاة بدون وجود مضيف لها. لذلك فلا يجب أن يكون هناك خطر. ولكن.... فقط لا تلمسوا شيئاً، كحالة احتياطية."

ولكنهم منذ أن دخلوا الجناح الغربي، بقوا واقفين مكانهم بينما كانوا يتحدثون، فسألهم (أورين):

"هل يجب أن نلقي نظرة هناك؟"

سألت (لورين) أيضاً: "هل هناك شيء في نهاية الردهة؟"

حينها وجَّه (أورين) ضوء مصباحه مباشرة نحو نهاية الردهة، وقال:

"أعتقد بأن هناك سلالم تؤدي نحو الطابق العلوي."

حينها قرر (أورين) التوجه نحو قسم الأمراض المعدية ليستكشفه جيدا مع الفتيات، في تلك اللحظة سُمِع صوت الرعد بقوة وجعل ذلك من (جودي) تقفز من الفزع، فقالت وهي قلقة: "لا أحب هذا المكان..." وأجابها (أورين) رغم أنه كان متظاهراً بعدم الخوف: وأنا أيضاً..."

دخل الثلاثة إلى ذلك المكان، وبدأو بأول غرفة في ذلك القسم، فوجدوها غرفة جدرانها تملأها القذارة مع وجود سرير ودلو معدني فقط..

فقال (أورين): "هذه الغرفة تبدو وكأنها زنزانة..."

علقت (جودي) أيضاً على الغرفة:

"أنا أعتقد بأنه تم تصميمها على أساس أن تستطيع احتواء الأمراض ولكن... تبدو الغرفة وحشية للغاية وغير صالحة لحبس البشر داخلها..."

بعد ذلك خرجوا من تلك الغرفة وتوجهوا مباشرة نحو رواق الصغير، فوجدوه مكاناً مغلقاً وفي نهايته يوجد باب حديدي صدئ، فسألت (لورين):

"ألا يمكن فتح هذا الباب؟"

أجابها (أورين): "لا، ليس لديه مقبض. لا يمكننا الذهاب أبعد من هنا.."

كانت تلك نهاية مغلقة، فعاد الثلاثة إلى مدخل الجناح الغربي، وتجهوا مباشرة نحو نهاية الردهة الطويلة، فتركهم (أورين) وصعد لوحده عبر السلالم إلى الطابق العلوي، لكنه بقي على اتصال مباشر معهم فهو لم يستدر إليهم لأنه يحسبهم يتبعونه، فشدة الصمت هناك تجعلهم يسمعون بعضهم البعض من بعيد حتى وإن كانوا فقط يهمسون.

فكان (أورين) يتحدث معهم بينما يقوم باستكشاف الطابق العلوي:

"هذا المبنى يبدو وكأنه سوف ينهار في أي لحظة."

ردت عليه (جودي) التي لا تزال مع (لورين) في الطابق الأرضي بعد أن لمحت صورة قديمة جداً معلقة على الحائط:

"ولا عجب في ذلك! أنظر إلى هذه الصورة! إنها مؤرخة بتاريخ 19 شتنبر 1819! هذا المستشفى عمره أكثر من قرنين! على الأغلب أنه تمت إعادة ترميم المبنى عدة مرات ولكنه لا يزال مثيراً للإعجاب."

تمشى (أورين) مباشرة متعمقاً في الطابق العلوي، وكان بامكانه مشاهدة الطابق السفلي من الفوق، فاستدار وتوجه نحو مدخل يؤدي إلى رواق طويل آخر كالذي في الأسفل، حيث كانت الفوضى تعُم المكان من خزانات خشبية وحديدية ساقطة على الأرض، وأكياس قمامة حمراء وأسِرَّة في غير أماكنها وأشياء أخرى. وقبل أن يتعمق أكثر هناك، كان المصباح الذي يحمل بدأ ينطفئ ويشتغل بسرعة لعدة ثوان حتى توقف عن العمل نهائياً. فأخد (أورين) يسب ويلعن كثيراً على حظه. فكان يفحص المصباح وقال لأختيه:

"حسنا... مصباحي قد توقف عن العمل. هل لديكم بطاريات إضافية؟"

كان ينتظر جوابا بفارغ الصبر، ولكن مرت ثوان معدودة ولم يصله أي جواب، حينها بقي يحرك في عينيه من شدة الخوف ثم استدار خلفه بسرعة، ولكنه لم يجد الفتيات، فظل ينادي عليهما بصوت مرتفع تدريجيا، ولكن لا أحد منهما تجيب.

فكان يحدث نفسه: "لا بد أنك تمزح معي..." ثم بدأ يبحث في حقيبته وهو يقول: "أرجوك يا (أورين)، أخبرني بأنك تحمل معك بطاريات احتياطية في حقيبتك... هيااااااا~"

في تلك اللحظة، اشتد صوت المطر، وسمع (أورين) ورائه صوت قرع على الخشب، فاستدار بسرعة وبدأ يفرط في التنفس من شدة الرعب والفزع، فقال بصوت مرتجف اتجاه مصدر الصوت:

"م-من هنـــاك؟!"

ثم استدار مجدداً ناحية المدخل الذي جاء منه، وكان يقول مع نفسه:

(ما هذا الوضع الحجيمي الإبن العاهرة... ماذا فعلت حتى أستحق هذا؟! اللعنــــــــــة...)

لقد كان يفكر ويبحث في نفس الوقت حتى لامست يداه رغم عدم رؤيته لشيء، بطاريات في حقيبته فظهرت عليه السعادة ممتزجة بالفزع وهو يقول:

(أجل! بطاريات احتياطية! الحمد لله!)

ركبهم بسرعة مكان البطاريات القديمة، وقام بتشغيل المصباح بنجاح. ومباشرة بعد اشتغال المصباح صرخ بقوة باسم اختيه مناديا إياهما بينما يلهث بشدة.

فأجابته (لورين) بصوت مرتفع: "أجل، نعم! نحن سنأتي إليك!"

فخاطبهما وهو يستشيط غضباً: "اللعنة على هذا، لقد قلت لكما بأن نبقى مجمعين!"

وفي تلك اللحظة، وفي المكان الذي صدر منه صوت قرعٍ على الخشب، كان هناك رجل عاري الصدر والقدمين ويرتدي فقط سروالاً، واقفاً في نهاية الردهة الطويلة ويحدق في (أورين) من الخلف، و(أورين) لا يعلم بذلك.

فأجابته الفتاتين:

(لورين): "نعم، نحن نعلم! آسفة!"

(جودي): "لقد كانت غلطتي، آسفة أخي!"

حينها، دخلت الفتاتان إلى مكان وجود (أورين)، وقالت له (لورين):

"لقد تشتت انتباهنا ونحن ننظر إلى خريطة المستشفى التي كانت مرمية على السلالم."

فعاثبهما (أورين) وهو يلهث قائلا: "لا تفعلوا هذا لي مجددا! لقد كدتم أن تصيبوني بنوبة قلبية!"

ثم استدار (أورين) وخلفه الفتاتين ووجّه مصباحه نحو نهاية الردهة الطويلة، وكان ذلك الرجل قد غادر بالفعل قبل أن يروه."

فقالت له (لورين): "لن يحدث ذلك مجدداً! لنبقى مجتمعين!"

تنهد (أورين) ببطئ ثم تحدث إليهما قائلاً: "حسنا... ماذا رأيتم في الخريطة؟"

لورين: "تتواجد غرفة استراحة الممرضات على اليسار، غرفة العناية المركزة على اليمين ومكتب المدير أسفل الردهة مباشرة."

أخد (أورين) يفكر، فقرر الذهاب إلى غرفة الإستراحة أولاً والتي تتواجد على اليسار.

دخلوا الغرفة وكانت هناك بعض الخزانات الحديدية أبوابها مفتوحة بشكل عشوائي وهي مصطفة بجانب بعضها البعض، وقنينة غاز كبيرة حمراء ملقية في وسط الغرفة، و مرحاض.

فظل (أورين) والفتاتان يوجهون أضواء مصابيحهم اليدوية وينظرون إلى الغرفة ويستكشفونها فقط من مكان وقوفهم. فسأل (أورين) قائلا:

"هذه المنطقة قريبة جداً من العناية المركزة، أليس كذلك؟"

أجابته (جودي): "ربما حتى تستجيب الممرضات اللواتي يعملن ليلاً بسرعة في حالة حدوث حالات طارئة. القرية صغيرة، لذلك فالموارد والموظفين نادرين هنا."

وقالت (لورين) أيضاً: "هذا المستشفى كبير للغاية على قرية صغيرة كهذه..."

وبينما كان (أورين) يلوح بمصباحه في الأرجاء، وجد باب أبيضاً، وتقدم نحوه مباشرة. ففتحه وكان الغبار يتساقط من أعلى الباب، فظلوا يسعلون ويلوحون بأيديهم في الهواء حتى يزيلون ذلك الغبار المتطاير أمامهم.

كانت الغرفة بها خزانات حديدية وسرير مزدوجة وكراسي بلاستيكية و3 قنينات غاز كبيرة. فلم يجدوا شيئاً مهما هناك لأن تلك الغرفة كانت كسائر الغرف المهجورة في ذلك المستشفى.

عادوا إلى الخلف، وتوجهوا مباشرة نحو قسم العناية المركزة. فكان أول شيء قد لاحظوه هي تلك الرائحة القوية جدا التي تشبه رائحة البيض الفاسد والمتعفن. ذلك المكان كان غرفة خالية ومظلمة، مع وجود باب في الجهة اليمنى، فتقدمت (جودي) ودخلت عبر ذلك الباب بينما كان (أورين) و(لورين) يستكشفان الغرفة حتى وجدوه فارغا، فلاحظ (أورين) بعد أن وجّه ضوء مصباحه اليدوي نحو الباب، (جودي) وهي واقفة بشكل غريب وتحدق نحو الأمام بدون أن تقول شيئاً أو تتحرك. فسألها:

"ألا تشمين ذلك، (جودي)؟"

فنطقت (جودي) بكلام متقطع:

"ه-هنا..."

لم تستطع إكمال كلامها، فتقدم (أورين) نحوها وكان لدى (جودي) مصباح آخر بحوزتها موجهة إياه إلى المكان الذي تحدق فيه، ثم قال لها:

"هل أنتِ بخير؟"

عندما وقف بجانبها ونظر مباشرة إلى الأمام، قالت (جودي) وهي تنظر إليه في خوف:

"ه-هناك جثة هناك..."

تفاجأ (أورين) كثيراً مما رآه وبدأ قلبه يدق بسرعة، لأنه كانت تلك جثة لفتاة فوق سرير في وسط الردهة.

فسألت (جودي): "هل هي ميتة؟"

أجابها (أورين): "حسنا، بالحكم على الرائحة... أعتقد ذلك. ربما يجب علينا أن نغادر."

حينها تقدمت (لورين) من خلفهم وقالت لهم بعد أن كتفت يديها تحت صدرها:

"دعوني ألقي نظرة..."

وبعدها تمشت مباشرة نحو الجثة، وكان تلقي نظرة عليها جيداً، حتى جاءت تهرول ووجهها به ملامح القرف، فكان يبدو عليها أنها تشعر بالغثيان الشديد وقالت:

"أ-أجل، إنها........... إنها ميتة جداً. وذلك ليس جميلاً."

ثم حدقت نحو (جودي) وقالت لها بتكشيرة:

"(جودي)، لا يجب عليك رؤية هذا."

فردت عليها (جودي) بقلق:

"لـ-لا تقلقي أختي، لن أفعل."

ثم نظرت نحو (أورين) وقالت له:

"إن كنت تريد أنا تراها، إذهب. لقد رأيت ما يكفي. سوف ننتظرك خارجاً."

كانت فتاةً في العشرينيات من عمرها ميتة ومستلقية على السرير، عيناها مغلقتين وبدا عليها أنها كانت تبكي قبل أن يتم قتلها، بسبب وجود كحل ممتزج بدموعها تحت عينيها. وهي لا ترتدي شيئاً سوى أغطية بلاستيكية متينة تغطي عوراتها فقط.. وكان بطنها المكان الوحيد في جسمها الذي يظهر، والذي تم تقطيعه من النصف لدرجة أن أحشائها تبدو بشعة جداً والدود يتحرك داخلها.

وكان (أورين) يحدّث نفسه، وهو يمسك أنفه بيديه الإثنتين حتى لا يشم الرائحة الكريهة التي تفوح منها، فقال بعد أن قرّب رأسه أمام بطنها المفتوح:

(أوه يا إلاهي... لقد تم قطع بطنها..... آآآه يا إلاهي، من قد يقوم بفعلة شنيعة كهذه؟ .... وهذه الرائحة.... إنها عفنة للغاية!!) ثم ابتعد قليلاً عنها، وأكمل: (على كل حال... لا يبدو على أنها قد ماتت منذ وقت طويل... هناك شخص ما هنا في المستشفى بلا ريب. يجب أن تكون ليليث هنا... يبدو أننا اقتربنا من هدفنا.)

وبعدها خرج من هناك وهو يهرول ولا زال يضع يده على أنفه. حتى التقى بالفتيات في الردهة الأولى، وتوجهوا مباشرة بدون كلام نحو مكتب المدير، المكان الوحيد المتبقي في الطابق العلوي الذي لم يستكشفوه بعد.

كان باب مكتب المدير باب أبيضاً كبيراً، فقال (أورين) مباشرة بعد أن وجَّه مصباحه نحوه:

"حسنا، هذا هو المكتب الرئيسي في المستشفى. إن سبق وأن كانت (ليليث) هنا، فلابد أنها تواجدت في هذه الغرفة من قبل."

يتبع..

2022/02/03 · 98 مشاهدة · 1661 كلمة
نادي الروايات - 2024